تقييم الدور التحويلي لتقنية البلوك تشين في التمويل الأصغر: هل يُمكن أن تُنهي الفوائد المرتفعة للقروض؟
المقدمة التنفيذية
يُعد التمويل الأصغر أداة اقتصادية واجتماعية محورية، تهدف إلى توفير الخدمات المالية للمجتمعات والأفراد الذين يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى الأنظمة المصرفية التقليدية، لا سيما في الاقتصادات النامية. ورغم دوره الحيوي في تعزيز الشمول المالي وتمكين المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، إلا أن القطاع يواجه تحديات هيكلية تجعل تكاليفه مرتفعة، وهو ما يُترجم إلى أسعار فائدة كبيرة يتحملها المقترضون. هذه الفوائد المرتفعة قد تحد من فعالية التمويل الأصغر كرافعة للتنمية الاقتصادية.
في ظل هذا الواقع، برزت تقنية البلوك تشين كحلٍ محتمل لهذه التحديات، بخصائصها الجوهرية كاللامركزية والشفافية وأتمتة العمليات. يهدف هذا التقرير إلى تحليل هذه الإمكانات وتقييم ما إذا كانت هذه التقنية قادرة على إنهاء الفوائد البنكية المرتفعة في قطاع التمويل الأصغر. يخلص التقرير إلى أن البلوك تشين لا يملك القدرة على "إنهاء" الفوائد المرتفعة بشكل كامل وفوري، ولكنه يمتلك إمكانات تحويلية هائلة لخفضها بشكل كبير ومعالجة الأسباب الجذرية لارتفاعها. إن تحقيق هذه الإمكانات يتوقف على القدرة على مواجهة التحديات الكبيرة القائمة من خلال حلول مبتكرة وأطر تنظيمية داعمة.
1. تشريح تكاليف التمويل الأصغر التقليدي: لماذا الفوائد مرتفعة؟
إن فهم الأسباب الكامنة وراء ارتفاع الفوائد هو خطوة أساسية لتقييم مدى فعالية الحلول التي يمكن أن تقدمها تقنية البلوك تشين. ولا يمكن لأي تقنية أن تحل مشكلة لا تُدرك أسبابها بعمق. يظهر التحليل أن ارتفاع الفوائد ليس ناتجاً بالضرورة عن نية جشعة، بل هو نتيجة مباشرة لنموذج عمل يعاني من تكاليف هيكلية مرتفعة ومخاطر ائتمانية كبيرة يتم تسعيرها ضمن شروط القرض.
1.1. العوامل الاقتصادية الكلية
تُشكل العوامل الخارجية التي لا تخضع لسيطرة مؤسسات التمويل الأصغر جزءاً كبيراً من تكلفة الإقراض. يُشير صندوق النقد الدولي إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة الأساسية التي تطبقها البنوك المركزية لكبح التضخم يفرض ضغوطاً على قدرة المقترضين على السداد، ويزيد من تكلفة الاقتراض بشكل عام [1]. وتُعد هذه الزيادات في أسعار الفائدة الأساسية إحدى التبعات المقصودة للسياسات النقدية المتشددة. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر التقلب في سعر صرف العملات الأجنبية وتوافر التمويل (السيولة) على تكاليف التمويل بالنسبة لمؤسسات التمويل الأصغر، وهي عوامل تُعد دالة على قوى العرض والطلب على النقد في الاقتصاد الكلي [2]. هذه العوامل تُشكل خطراً إضافياً يتم تسعيره في الفائدة لتغطية المخاطر المرتبطة بها.
1.2. التكاليف التشغيلية والإدارية
تعتبر التكاليف التشغيلية والإدارية من الأسباب الرئيسية التي تجعل القروض الأصغر أكثر تكلفة نسبياً. تُشير الأبحاث إلى أن معظم تكاليف مؤسسات التمويل الأصغر هي تكاليف ثابتة [3]. تشمل هذه التكاليف رواتب الموظفين، وإيجارات الفروع، وتكاليف التشغيل اليومي مثل القرطاسية والمواصلات [3]. لا تتناسب هذه التكاليف طردياً مع حجم القرض، مما يجعل التكلفة لكل مقترض مرتفعة في حالة القروض الصغيرة [4]. إن الطبيعة الثابتة للتكاليف التشغيلية [3] تعني أن مؤسسة التمويل الأصغر يجب أن تُحقق إيراداً كافياً من كل قرض لتغطية جزء من هذه التكاليف الكبيرة. وبما أن حجم القروض غالباً ما يكون صغيراً، فإن النسبة المئوية للفائدة يجب أن تكون مرتفعة لضمان استمرارية المؤسسة وقدرتها على تحقيق الربحية [4].
1.3. مخاطر الائتمان والسيولة
تُعرّف مخاطر الائتمان بأنها مخاطر الخسارة الناتجة عن إخفاق المقترض في الوفاء بالتزاماته المالية [5, 6]. هذه المخاطر تُترجم إلى تكاليف أعلى يتم تحملها من قبل جميع المقترضين. تُواجه مؤسسات التمويل الأصغر مخاطر ائتمان أكثر حدة نظراً لطبيعة عملائها [6]. المقترضون غالباً ما يكونون من ذوي الدخل المحدود أو غير المموّلين بنكياً، مما يزيد من احتمالية التخلف عن السداد [2]. وبالتالي، تُضطر المؤسسات إلى تسعير هذه المخاطر ضمن الفوائد [2, 5]. يتم التحكم في هذه المخاطر من خلال إجراءات العناية الواجبة، وتقييم الجدارة الائتمانية، والحصول على الضمانات [5]. هذه الإجراءات نفسها تُشكل جزءاً من التكاليف التشغيلية والإدارية التي تزيد من التكلفة النهائية للقرض. لخفض الفائدة، يجب مهاجمة هذه التكاليف الهيكلية والمخاطر بشكل جذري، وهذا هو المدخل الذي يمكن أن تُقدمه تقنية البلوك تشين.
يوضح الجدول التالي أهم العوامل التي تُسهم في ارتفاع الفوائد، مما يُسهل فهم الأسباب الجذرية للمشكلة التي يسعى البلوك تشين لحلها.
| العنصر الرئيسي للتكلفة | التفاصيل | التأثير على الفائدة |
| التكاليف التشغيلية | تكاليف ثابتة (موظفين، إيجارات، إدارة) [3] | مرتفعة نسبياً لكل مقترض، خاصة في القروض الصغيرة [4] |
| مخاطر الائتمان | مخاطر التخلف عن السداد [5] | يتم تسعيرها ضمن الفائدة لتغطية الخسائر المحتملة [6] |
| عوامل الاقتصاد الكلي | أسعار الفائدة الأساسية، التضخم، تقلب العملات [1, 2] | تُؤثر بشكل مباشر على تكلفة الاقتراض للمؤسسة، وبالتالي على المقترض |
2. كيف يُعيد البلوك تشين صياغة نموذج التمويل الأصغر؟
تُقدم تقنية البلوك تشين حلاً لمواجهة كل من الأسباب المذكورة في القسم السابق عبر آليات جوهرية تُغير من طريقة عمل الخدمات المالية. إن تأثير البلوك تشين ليس مجرد تقليل للتكاليف، بل هو تغيير جذري في نموذج عمل التمويل الأصغر، مما يُحوّله من نظام "يُدار من الأعلى" إلى نظام "يُدار من الأقران".
2.1. اللامركزية وإزالة الوسطاء
تُعد اللامركزية الميزة الأساسية للبلوك تشين، حيث تُنقل عملية اتخاذ القرار والتحكم من جهة مركزية إلى شبكة موزعة [7]. هذا النموذج يُلغي الحاجة إلى الوسطاء التقليديين مثل البنوك أو المؤسسات المالية [8, 9]. إزالة الوسطاء لا تُقلل من الرسوم فحسب [10], بل تُمكن أيضاً من تبسيط العملية التجارية [9]، مما يُقلل بشكل مباشر من التكاليف التشغيلية والإدارية التي تُشكل جزءاً كبيراً من فائدة القرض [3, 10]. من خلال هذا، يُمكن للشبكة أن تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع دون الحاجة إلى موظفين أو مكاتب إضافية.
2.2. قوة العقود الذكية
العقود الذكية هي اتفاقيات ذاتية التنفيذ تُكتب كأكواد برمجية على البلوك تشين [11, 12]. تُمكن هذه العقود من أتمتة دورة القرض الكاملة، من صرف الأموال عند استيفاء الشروط المحددة مسبقاً، إلى تحصيل الدفعات في المواعيد المحددة، وحتى تطبيق الجزاءات تلقائياً [13, 14]. تُوفر العقود الذكية شفافية عالية حيث تكون شروط العقد مرئية للجميع على البلوك تشين [13]. كما أنها تُقلل من الأخطاء البشرية وتُزيل الحاجة إلى المعالجة اليدوية [14]. هذه الأتمتة تُقلل من التكاليف التشغيلية بشكل كبير وتُسرّع من عملية الإقراض، مما يجعل التمويل أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة [15].
2.3. منصات الإقراض من نظير إلى نظير (P2P)
تُسهّل هذه المنصات التمويل المباشر بين المقرضين والمقترضين دون الحاجة إلى مؤسسة مالية تقليدية [15, 16]. تُستخدم آليات مثل خدمات الضمان (Escrow) والعقود الذكية لتأمين المعاملات والاحتفاظ بالأصول حتى يؤكد الطرفان الصفقة [17]. تُتيح هذه المنصات وصولاً عالمياً إلى التمويل، حيث يمكن للمقرضين والمقترضين من أي مكان في العالم التفاعل مباشرة [15]. وهذا يزيد من السيولة العالمية، ويُمكن أن يؤدي إلى أسعار فائدة أكثر تنافسية تحددها قوى العرض والطلب العالمية، لا التكاليف التشغيلية المحلية للمؤسسات. هذه السلسلة من العمليات هي التي تُمكن من خفض الفوائد بشكل حقيقي.
3. مواجهة التحديات: حلول مبتكرة لقطاع جديد
على الرغم من الإمكانات الهائلة، يواجه التمويل الأصغر عبر البلوك تشين تحديات كبيرة يجب معالجتها قبل أن يُصبح نموذجاً مستداماً وواسع الانتشار. إن التحديات ليست مجرد عقبات تقنية، بل هي انعكاس للصراع بين الأنظمة التقليدية (المركزية والمنظمة) والأنظمة الجديدة (اللامركزية والشفافة).
3.1. التغلب على تقلب العملات المشفرة
يُعد التقلب السعري العالي للعملات المشفرة مثل البيتكوين والإيثريوم أكبر خطر على القروض [11, 18]. يمكن أن تُؤدي تقلبات الأسعار إلى تصفية الضمانات [19] أو جعل القرض غير مستدام، مما يهدد استقرار القيمة. الحل الرئيسي لهذا التحدي هو استخدام العملات المستقرة (Stablecoins) [20, 21]. هذه العملات مصممة للحفاظ على قيمة مستقرة من خلال ربطها بعملة ورقية (مثل الدولار الأمريكي) أو أصول أخرى [22]. تعمل العملات المستقرة كجسر يربط بين كفاءة البلوك تشين واستقرار النظام المالي التقليدي [23]. هذا يُتيح إجراء معاملات مالية وقروض دون التعرض لمخاطر التقلب السعري، مما يجعلها أداة عملية للتمويل الأصغر.
3.2. التحديات التنظيمية والامتثال
يُمثل الغياب أو عدم الوضوح القانوني للعملات المشفرة تحدياً كبيراً [24, 25]. بعض الدول، مثل مصر والمغرب، حظرت التعامل بها [24, 25]، وهو ما يُعد عائقاً أمام تبني المؤسسات التقليدية للتقنية. تُشكل مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب تحدياً إضافياً، حيث تُمكن الطبيعة اللامركزية من إجراء معاملات غير خاضعة للرقابة [26, 27]. هذا الخطر يُسرّع من الحاجة إلى التنظيم. يجب على المطورين والشركات أن تُطبق بروتوكولات اعرف عميلك (KYC) المحسّنة، وأن تُعزز من إجراءات مكافحة غسل الأموال (AML) [27]. وعلى الصعيد الحكومي، تُشجع منظمات مثل الأونكتاد الحكومات على وضع أطر قانونية واضحة ومواتية للابتكار، وأن تُدرك أن التوازن بين الابتكار والرقابة سيكون أساسياً لمستقبل القطاع [28].
3.3. المخاطر التقنية وقابلية التوسع
تُعد ثغرات العقود الذكية والهجمات الإلكترونية مخاطر حقيقية تُمكن أن تُسبب خسائر مالية فادحة [19, 29]. كما تُعاني الشبكات العامة من صعوبات في قابلية التوسع، مما يؤدي إلى الازدحام وبطء المعاملات [29]. تُقدم حلول الطبقة الثانية (Layer 2) حلولاً لمشكلات الازدحام عبر معالجة المعاملات خارج السلسلة الرئيسية [11]. كما أن عمليات التدقيق الأمني الشاملة تُصبح ضرورية لتحديد ومعالجة الثغرات في العقود الذكية [11].
يوضح الجدول التالي نظرة عامة شاملة على التحديات الرئيسية ويُقابلها بالحلول العملية المذكورة في البحث، مما يوضح مدى استعداد القطاع لمواجهة هذه العقبات.
| المخاطر الرئيسية | الوصف | الحلول المقترحة |
| تقلب السوق | التقلبات الحادة في قيمة الأصول الرقمية [11, 30] | استخدام العملات المستقرة (Stablecoins) [20, 21] |
| القيود التنظيمية | غياب الأطر القانونية أو حظرها [24, 31] | التعاون مع المنظمين لوضع أطر عمل مناسبة [28] |
| المخاطر التقنية | ثغرات في العقود الذكية والهجمات الإلكترونية [19, 29] | التدقيق الأمني الشامل وإجراءات أمان صارمة [11] |
| صعوبات قابلية التوسع | بطء وسعة محدودة في الشبكات العامة [29] | تطوير حلول الطبقة الثانية (Layer 2) [11] |
| الاحتيال وغسل الأموال | إمكانية استخدام الشبكات في أنشطة غير قانونية [26, 27] | تطبيق بروتوكولات اعرف عميلك (KYC) المحسّنة [17] |
4. دراسات حالة وتطبيقات واقعية: من النظرية إلى الممارسة
تُقدم الأمثلة الواقعية دليلاً ملموساً على أن البلوك تشين ليس مجرد مفهوم نظري، بل يُطبق فعلاً في قطاع التمويل الأصغر. تُشير هذه الأمثلة إلى أن البلوك تشين يُستخدم حالياً بشكل أساسي في حلول جزئية أو متخصصة، وليس كنظام متكامل يُستبدل به النظام التقليدي بالكامل.
4.1. مشاريع التمويل الأصغر المبنية على البلوك تشين
تُظهر منصة SWIC Digital كيف تُستخدم تقنية البلوك تشين لتعزيز الشمول المالي العالمي وإعادة تشكيل عمليات إدارة الأصول والاستثمار [32]. تُقدم هذه المشاريع نموذجاً لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر رقمياً، مما يقلل الرسوم ويزيد من إمكانية الوصول إلى الفئات المحرومة. كما تُسلط دراسة حالة Blossom Finance في إندونيسيا الضوء على دور الصكوك الذكية في تسهيل التمويل الأصغر الإسلامي، وتقليل التكاليف، وتعزيز الشفافية [33]. هذا يُظهر أن التقنية يُمكن تكييفها لتتوافق مع مبادئ قانونية وشرعية محددة. علاوة على ذلك، تُظهر منصات التمويل اللامركزي (DeFi) مثل Aave و Compound قدرتها على الصمود خلال تقلبات السوق بفضل طبيعتها اللامركزية وإدارة المخاطر [34]. وقد ارتفعت القروض المفتوحة في هذه التطبيقات بشكل كبير، مما يُعزز مكانة التمويل اللامركزي كمحرك لنمو سوق الإقراض [34].
4.2. دور المنظمات الدولية
يُشير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) إلى أن 1.7 مليار شخص حول العالم لا يمتلكون حسابات بنكية [35]. تُسهم التقنيات الرقمية، بما في ذلك البلوك تشين، في الوصول إلى هذه الفئات [36]. ويُشير البرنامج إلى مشاريع رائدة، مثل مشروع تجريبي في طاجيكستان، لتسهيل تحويلات الأموال للمهاجرين باستخدام البلوك تشين بشكل أرخص وأسرع، مما يُجنبهم رسوم الوسطاء [35]. كما تستكشف المنظمة استخدام البلوك تشين لتعزيز الهوية الرقمية لللاجئين [35]. إن اعتماد منظمات دولية على هذه التقنية يُضفي عليها شرعية ويُشير إلى إمكاناتها الاجتماعية الواسعة، مما يُبعدها عن كونها مجرد "عملية مالية مضاربة". هذا يُشير إلى أن الطريق لتبني واسع للتقنية ليس في التغلب الكامل على الأنظمة التقليدية، بل في التكامل التدريجي والحلول التي تُكمل وتُعزز من الوصول المالي الحالي.
يوضح الجدول التالي أمثلة عملية لمشاريع وجهات تستخدم البلوك تشين، مما يُعطي مصداقية للفرضية ويوضح المجالات التي تُحقق فيها التقنية الأثر الأكبر.
| المشروع/الجهة | مجال التركيز | الآلية المستخدمة |
| Blossom Finance | تمويل أصغر متوافق مع الشريعة | استخدام العقود الذكية وأتمتة العمليات [33] |
| SWIC Digital | الشمول المالي العالمي والتوكينة | توكينة الأصول ومنصات إصدار الرموز [32] |
| برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) | تحويلات المهاجرين، الهوية الرقمية، التمويل الخيري | مشاريع رائدة باستخدام البلوك تشين لتسهيل التحويلات [35] |
| منصات التمويل اللامركزي | الإقراض من نظير إلى نظير (P2P) | خدمات الضمان (Escrow) وتقنيات التحقق من الهوية [17] |
5. الخلاصة والتوصيات الاستراتيجية
تُشير الأدلة إلى أن تقنية البلوك تشين لا يمكن أن تنهي فوائد القروض المرتفعة بالكامل، لكنها تمتلك القدرة على خفضها بشكل كبير. الفائدة ليست مجرد رقم، بل هي انعكاس للتكاليف والمخاطر. وبما أن البلوك تشين يُهاجم هذه العوامل الجوهرية (التكاليف التشغيلية، ومخاطر الوسيط، وعدم الكفاءة)، فإنه يُقدم مساراً حقيقياً لتقليل الفوائد إلى مستويات لم تكن ممكنة في السابق.
إن التحديات الكبيرة المتمثلة في التقلب السعري للعملات الرقمية والغموض القانوني تُعيق حالياً التبني الواسع. الحلول تكمن في النماذج الهجينة التي تُقدم الاستقرار (عبر العملات المستقرة) وتعمل ضمن الأطر التنظيمية. لذلك، فإن البلوك تشين لا يُنهي الفوائد، بل يُعيد تعريف "سعر القرض العادل" في سياق يقلل فيه من التكاليف الهيكلية والمخاطر.
بناءً على هذا التحليل، يُقدم التقرير التوصيات الاستراتيجية التالية:
للمنظمين وصانعي السياسات: يجب تبني نهج متوازن. بدلاً من الحظر
[24], يجب العمل على فهم التكنولوجيا ووضع أطر قانونية تُعزز الشفافية وتُكافح الأنشطة غير المشروعة[28, 31]دون خنق الابتكار.للمؤسسات المالية التقليدية: يجب على هذه المؤسسات أن تُدرك أن البلوك تشين ليس تهديداً كاملاً، بل فرصة للتحول الرقمي. يُمكنهم دمج حلول البلوك تشين لخفض تكاليفهم التشغيلية
[37]وتحسين خدماتهم، بدلاً من الاكتفاء بالحلول الرقمية التقليدية.للمقترضين والمستثمرين: يجب توخي الحذر. فهم المخاطر المتعلقة بالتقلب السعري
[11]والأمان ضروري. يُنصح بالبدء بالمنصات الموثوقة التي تُطبق معايير أمان عالية[13]، وفهم أن الابتكار يأتي مع درجة من المخاطرة.
.jpeg)